لن يكفينا في الأيام القريبة القادمة بعد أن دخلت معضم دول العالم في رفع جزئي للحجر الصحي وحالة الطوارئ، الحديث عن إيجاد لقاحات طبية فعالة للتخلص نهائيا من خطر فيروس كورونا على حياتنا العامة، فالوباء مازال مستمرا في ضرب معضم اقتصاديات العالم بدرجات متباينة، المتقدمة منها و الصاعدة أو تلك التي في طريق النمو وقد تجلى ذلك في إغلاق الأسواق، المتاجر الكبرى، المطارات، الموانئ، وأحياء صناعية كاملة عبر العالم في ظل الحجر الصحي بعد تفشي الوباء وتأخر المختبرات في إيجاد لقاحات فعالة.
وضع يندر بمستقبل اقتصادي موحش وركود أعنف من سابقيه (2008/1973/1929) قد يصل إلى مستوى الكساد إذا لم تتدخل الدول في جبر الوضع و إنقاد ما يمكن إنقاده.
والركود هو مصطلح يعبر عن هبوط في النمو الاقتصادي أو تراجع في الناتج الداخلي الاجمالي، هبوط يجد كل أسبابه متوفرة في وضعيتنا الحالية بعد فرض حالة حجر صحي على المواطنين وإجبارهم ألتزام منازلهم، الشيء الذي أجبر العديد من الشركات، المصانع، المطارات، شركات النقل، المطاعم، الفنادق... إلى إغلاق أبوابها وتوقيف عمليات الانتاج داخلها امثتالا لأوامر السلطات وكذلك لضعف الطلب على منتجاتها، ما معناه تسريح عمالها ومستخدميها وارتفاع في نسبة البطالة نتيجة ذلك، وقد أعلنت منظمة العمل العالمية عن تسجيل إلغاء 195 مليون وظيفة بعد كورونا، الشيء الذي سيضعف القدرة الشرائية للمواطنين واقتصارها على المنتجات الأساسية فقط وبالتالي اختفاء العديد من الشركات التي تنتج منتجات تتصف بالكمالية أو للترفيه فقط، وبالتالي توسع دائرة البطالة بسبب العاطلين الجدد. ويشبه علماء الاقتصاد هذا الترابط بين القطاعات الاقتصادية بغابة أشجار يابسة، ما إن تشب النار في أول شجرة حتى تأتي على كامل الغابة بفعل العامل التضاعفي (effet multiplicateur) الذي يضاعف تأثير أزمات الاقتصاديات ويعمق خسائرها.
وسيكون لهذا الركود الاقتصادي العالمي الأثر الكبير على دول العالم الثالث التي تتميز بهشاشة اقتصادية متأصلة تتجلى في نسب بطالة عالية ونسب ديون تتجاوز 65 في المئة من الناتج الداخلي الاجمالي (المغرب نموذجا).
وأمام هذا الوضع سيكون من اللازم على حكومات الدول التدخل من خلال تدابير مالية وميزانياتية من أجل رفع قدرات الشركات المتبقية للمجابهة واستعادة عافيتها وبالتالي إعادة الوظائف لأصحابها وخلق وظائف جديدة.
تعليقات
إرسال تعليق